الخميس، 3 مارس 2011

لماذا ثار الليبيون ؟

( بقلم / خالد سعد )


قد يتساءل من لا يعرف حقيقة الأمور قائلاً : هل أن ما يحدث في ليبيا اليوم هو هزات ارتدادية لزلزال عظيم يحدث في المنطقة المجاورة لها ؟ والتحليل المنطقي والسياسي والجغرافي لهذا التساؤل هنا يحمل في طياته شيئاً من الواقعية والمصداقية . لأننا بصدق لسنا بمنأى عن ما يحدث في العالم العربي . إضافة إلى شيء آخر وهو أن كل ما يحدث في مصر تحديداً كان له دائماً أصداء على المنطقة والعالم بأسره . والمطلع على التاريخ الحديث والقديم يرى أن لمصر دوراً هاماً في كل مراحل وحقب نضالنا ضد الإستعمار و لكن هذا ليس موضوع نقاشنا الآن لأنه موضوع كبير لايتسع مجالنا اليوم لطرحه . فموضوعنا الذي سنخلص إليه هو : لماذا ثار الليبيون ؟ الإجابة تكمن في جملة طالما ترددت على مسامعنا وهي تحمل معاني لها أعمق الأثر في فهم واقع الشعوب المناضلة والمكافحة للأنظمة الظالمة لشعوبها والمجهضة لأحلام وتطلعات شبابها . إنها جملة ( ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ) .. فالليبيون كعادتهم دائماً يختلفون ويتميزون في كل ما يتعلق بهم حتى في ثوراتهم مثل ثورة 17 فبراير المباركة . فهي لم تكن ثورة الجياع ولا ثورة العراة من أجل الطعام أو الكساء ، بل هي ثورة (الكرامة) . ثورة على الظلم والإستبداد والفساد وخيانة الوطن والمواطن . فكما يعلم الجميع أن ليبيا دولة غنية بمواردها الطبيعية والبشرية وموقعها الجغرافي والإستراتيجي المتميز . ومع هذا فإن النظام المخلوع أفقر شعبها وجعل منه (أفقر شعب يعيش في أغنى دولة) . وذلك حسب تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وكذلك بحسب اعترافات كثير من رموز النظام المنقرض أنفسهم والتي كانوا يظهرون بها علينا من حين لآخر . فتجربة الليبيين إذاً لها خصوصية تميزها عن سابقاتها الشقيقات من ثورتي مصر وتونس مع عميق احترامنا وجزيل شكرنا لكليهما . كما أنها ستختلف أيضاً عن لاحقاتها لأن معطيات قيامها لم تكن لتتوافر في بيئة غير ليبيا . وبمرور أربعة عقود ونيف عاشها الليبيون في عزلة تغير العالم فيها من حولهم ووسبق بأشواط طويلة ، في جميع المجالات العلمية والتقنية والإقتصادية والسياسية ، كل ذلك ونحن ننتظر صابرين على هذا الوضع البائس ، صار النظام المنقرض يتحكم فينا شيئاً فشيئاً ومع تحكمه يتحكم اليأس من قلوبنا في أمل التغيير لتنسد معه كل الطرق والمنافذ نحو حلول مجدية .
وأخيراً كان الشعب في موعد تاريخي مع القدر ، فانكسر حاجز الخوف والهلع النفسي القهري ، لتعلو من حناجر شباب الثورة : ( الشعب يريد إسقاط النظام ) . فكانت الثورة ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق